لا يجب أن يغفل أحد على أن أزمتنا السياسية هي في الواقع أزمة أخلاقية
المخيف ليس تتابع الفضائح داخل الحزب الأغلبي (توريث-شبهات فساد-قضايا أخلاقية - تدليس -تسريبات تزيل الغطاء عن المستوى وصراع الشقوق)، فالأمر غير مستغرب وهذا الذي يسميه البعض داء تونس نسخة مزيدة ومنقّحة من ذلك الحزب الذي انتفض ضده شعبنا في ثورته المجيدة رافعا صرخته الشهيرة: '' يا تجمّع يا حقير، حسمت فيك الجماهير كلا، المخيف هو الضربات القاتلة التي سدّدها هذا الحزب في أقل من سنتين لصورة الدولة، لصورة الديمقراطية، لصورة السياسة ولصورة السياسيين أغلب الظن أنه فقاعة عابرة، سحابة صيف قائظ، لهب حريق كومة من القشّ، عثرة تونس على طريق التحررّ، قوس سيغلق قريبا... لكن إذا تواصل الأمر فقد لا ننجح في إبقاء بلادنا داخل المنظومة الديمقراطية والشعب يرى أنه أصبح رهينة بيد الفساد والمفسدين وقد يتصور أن الخلاص في إفراغ الرضيع مع الماء القذر للحمام. آنذاك من يدري ما مصير تونس مسؤوليتنا جميعا ألا ييأس الشعب من الخيار الديمقراطي ومن الطبقة السياسية التي ضربتها في الصميم كل هذه القذارة...وأن نعدّ وأن نستعدّ للبدائل التي لن يتجاوز أفقها الاستحقاقات الديمقراطية لسنة 2019 لكن، ليكن في علم كل القوى ،التي ستنهي عاجلا أو آجلا هذا الفاصل المضحك المبكي من تاريخنا، أن كل البدائل إن لم تبنى على العودة الفعلية للقيم وخاصة للقدوة في كل مجال وكل عمل، فإنها بدائل مصيرها مصير كل عمارة تبنى فوق مستنقع...المستنقع الذي حفره وتعهّده وغاص في وحله النظام الجاثم على صدورنا منذ أكثر من نصف قرن. لا يجب أن يغفل أحد على أن أزمتنا السياسية هي في الواقع أزمة أخلاقية... أن أزمتنا الاقتصادية هي قبل كل شيء أزمة أخلاقية... أن أزمتنا المعنوية والنفسية هي في آخر المطاف أزمة أخلاقية... وأن هؤلاء الناس الذين يدعون حلّ هذه
الأزمات هم ...أقبح علاماتها
منصف المرزوقي الرئيس السابق للجمهورية التونسية